منظمة العفو الدولية تهاجم نظام الإقامة في فرنسا و تصف إدارتها ب"الفاشلة"
تقرير صادم كشفت عنه منظمة العفو الدولية مؤخرا، تحدث عن معاناة آلاف العمال الأجانب في فرنسا، الذين يعانون أصلا من الانتهاكات وسوء المعاملة، بسبب التأخير في إصدار أو تجديد تصاريح إقاماتهم في البلاد نتيجة سوء إدارة الملفات والانتقال إلى آلية إلكترونية لتقديم الطلبات، ما زاد من التعقيدات والتأخير.
في أحدث تقرير لها عن أوضاع العمال الأجانب في فرنسا، كشفت منظمة العفو الدولية عن تعرض تلك الفئة لمروحة واسعة من الانتهاكات، بسبب التأخير في تجديد تصاريح إقاماتهم وسوء إدارة هذا الملف.
المنظمة كشفت أنه منذ أن تم التحول إلى النظام الإلكتروني لطلب تجديد الإقامات، يواجه العمال المعنيون صعوبات كبيرة في حجز مواعيد وأعطال إلكترونية على الموقع، وغالبا ما يضطرهم ذلك للانتظار لفترات تمتد بين شهرين إلى ثلاث سنوات، ما يجعل العمال المهاجرين يعيشون في حالة خوف دائم من فقدان الإقامة والعمل.
المنظمة اعتبرت أن سوء إدارة هذا الملف، وغياب آليات متابعة تتيح للمهاجرين الوصول السهل إلى المعلومات، يساهم في هشاشة أوضاع العمال المهاجرين ويضعهم في حالة "انعدام قانوني"، ما يسمح بعض أرباب العمل بسلبهم حقوقهم الأساسية وانتشار آفات من قبيل العمل القسري وسرقة الأجور والتمييز، إضافة للحرمان من الحماية الاجتماعية والضمان الصحي، وحتى العنف الجسدي والتحرش الجنسي، بحق المهاجرين. وهذا ما كشفته شهادات العشرات من تلك الفئة التي وثقتها العفو الدولية وذكرتها في التقرير.
و حسب تقرير المنظمة الحقوقية الدولية، فإن أغلب الضحايا ينتمون إلى دول أفريقية وآسيوية، ويعملون في وظائف مركزية في الدورة الاقتصادية الفرنسية، رغم أنهم يظلون غير مرئيين في النظام الاجتماعي والقانوني.
وتعود جذور الأزمة إلى القصور الهيكلي في النظام الإداري في فرنسا، فالعمال ملزمون بالقانون بتقديم طلبات تجديد تصاريح إقاماتهم قبل انتهاء صلاحيتها بشهرين إلى أربعة أشهر، في حين لا توجد أي قاعدة قانونية تُجبر المحافظات أو السلطات على البت في الطلبات خلال فترة زمنية محددة. وهكذا قد تمتد فترات انتظار العمال المهاجرين للحصول على تصاريح جديدة من بضعة أسابيع إلى ثلاث سنوات، فيغدون في كثير من الحالات دون وثائق رسمية وحتى محرومين من العمل ومن أبسط أشكال الحماية الاجتماعية.
ومنذ إدخال المنصات الرقمية لإدارة ملفات الأجانب عام 2020، وتحديداً موقع "ANEF"، تعقدت الإجراءات أكثر إذ بات على الأجانب حجز مواعيد على الموقع عبر نظام مزدحم وغير مستقر، فغالبا ما تختفي المواعيد المتاحة خلال دقائق، ما يترك المهاجرين في دائرة من الانتظار والعجز دون جهة للتواصل معها.
وأكدت العفو الدولية أن هذه الأعطال التقنية تحولت إلى "معوّق مؤسسي" يفاقم معاناة المهاجرين بدل أن يُسهم في تحسين الخدمة العامة، مؤكدة أن ما يحدث يقع في إطار نمط "منهجي وهيكلي" من الاستغلال تسهله ثغرات قانونية وإدارية. فالعمال الأجانب يجدون أنفسهم في حلقة مفرغة، إذ لا يمكنهم الحصول على تصريح عمل دون تصريح إقامة، ولا يُمنح لهم تصريح إقامة دون عقد عمل، وبين الطرفين تنشأ مساحة رمادية واسعة تسمح بانتهاك حقوقهم في وضح النهار.
كما تطرق تقرير المنظمة إلى نظام تصاريح الإقامة القصير للغاية، والذي يسمح نظريا للعمال الأجانب بالبقاء في فرنسا لمدة تصل إلى أربع سنوات، ولكن غالبا لفترة أقصر عمليا، بالقول "إن الاحتفاظ بتصاريح الإقامة قصيرة الأجل يُولّد انعداما كبيرا للأمن الإداري، حيث يتضمن كل طلب تجديد مجموعة من الشروط والوثائق الداعمة وفترات انتظار وعدم يقين".
وحسب العفو الدولية، فإن قصر مدة تصاريح الإقامة وصعوبة تجديدها يحدّان من قدرة المهاجرين على الإبلاغ عن الانتهاكات المحتملة من قبل أصحاب عملهم. فلا خيار أمامهم سوى الصمت للحفاظ على وظائفهم، رغم حالات الإساءة الشديدة أو العنف.
مصدر الخبر: إذاعة مونت كارلو الدولية


إرسال تعليق